اللقاح الهام للكورونا موجود على مقربةٍ منّا. لن ينجح بهزم الوباء ولكنه حتمًا سيكون قادرًا على مواجهته بشكلٍ جديٍّ وفعّال. يدعى اللقاح "دولة الرفاه".

الوباء الذي لا يتركنا والقيود الصعبة التي تضعها الحكومة الإسرائيلية هي ليست أمورًا تعبّر عن ظاهرة صحية فحسب, بل إنّ لها أبعاد سياسية. إلى يتم التوصل للقاحٍ فعّال للكورونا يضمن حماية البشرية منها, فإن العامل الرئيسي للتعامل الناجع مع الوباء هو أداء الحكومة وثقة الشعب بها. هكذا تمامًا.

لقد أثبتت الموجة الأولى للوباء أن المجتمع الإسرائيليّ, بالرغم من كل الإهانات والاتهامات التي نُسبَت له, يعلم جيدًا كيف يلتزم بالتعليمات. كأفراد وكمجتمع, قمنا بدورنا بهذه المعاهدة الاجتماعية, التي تهدف للحفاظ على بعضنا بعضًا عن طريق التزام البيت, الإغلاق الشامل أو الجزئي, تقليص قطاع العمل والاستهلاك, والعديد من الوسائل الأخرى. بينما قمنا نحن بالالتزام بجزئنا من المعاهدة, قامت الحكومة بخرق الجزء الخاص بها وهذا ما أدى إلى زعزعة ثقة الجمهور.

لا يلوم أي شخص نتنياهو بانتشار الوباء, إنما نتّهمه بكونه مسؤولًا عن عدم جهوزيتنا له وكذلك بضعفه بترتيب الأولويات، مما أسفر عن تفشي الموجة الثانية. نتنياهو والحكومة هم أول من يتحمل المسؤولية عن تآكل جهاز الصحة العام, مما أدى الى تردّي حالته حتى قبل ضربة الكورونا. هم المسؤولون عن عدم الجاهزية الكافية التي أدت لتفشّي الموجة الثانية القاسية للغاية. هم المسؤولون عن العاطلين عن العمل وعن رجال الأعمال الذين يجدون نفسهم اليوم مجددًا في مواجهة أزمةٍ أخرى دون وجود خطط واضحة لمساعدتهم. هم المسؤولون عن انهيار نظام الرفاه وإلقائه للهاوية. حتى الآن، بعد مرور أشهر على تشكيل الحكومة ومع وجود مئات آلاف العاطلين عن العمل, لا تزال الحكومة تفشل فشلًا ذريعًا بالاستعداد للوباء والتعامل معه، كما وبتوفير الأمان الاقتصاديّ لمواطني الدولة.

هذا التهديد الذي يحوم حول ثقة الجمهور له إجابة. الإجابة بسيطة جدًا - ألا وهي دولة الرفاه. سياسات تحمل في طيّاتها فكرة توفير شبكة أمان مجتمعي شامل ينجح في أوقات الأزمات العصيبة - وعمومًا كذلك - بحمايتنا جميعًا بنفس المقدار. شبكة أمان تتواجد دائمًا من أجلنا وتمكننا من تجاوز المرحلة الحالية المليئة بالريبة وعدم الوضوح.

المعاهدة الاجتماعية التي تشكّل أساس دولة الرفاه هي بسيطة جدًا: نحن, المواطنون, نمنح الحكومة ثقتنا, ندخل للحجر الصحي ونحترم القيود التي فُرضت علينا, والحكومة من جهتها - تهتم بئلّا نفقد مصدر دخلنا وبأن نعيش بكرامة. نحن نغلق مصالحنا حتى نمنع انتشار الوباء بشكلٍ أوسع, والحكومة تهتم بدفع تعويضات مالية كاملة وسريعة على مدار فترة الإغلاق. نحن نحافظ على التباعد الاجتماعي, والحكومة تحافظ على التكاتف الاجتماعي وتضمن ثبات جهاز الصحة العام.

حكومة نتنياهو تقوم بعكس هذا تمامًا. بدلًا من بناء جهاز أمان اجتماعي كالذي تبنّته دول أخرى, إنشاء منظومة داعمة للراوتب كما هو متّبع في دول مركز وشمال أوروبا, ضمان وجود جهازيّ تعليمٍ وصحة عامَّين يعملان على أكمل وجه - يستمرّ نتنياهو باستنزافها, ووزارة المالية تضع خطط تقليصات ضخمة في القطاع العام. بدل سن قانون مفهوم ضمنًا - كان يجب سنه منذ فترة طويلة - وهو القانون الذي يقضي بدفع مخصصات بطالة لمن يعملون في السوق الحر وفقدوا مصدر دخلهم جراء الأزمة الراهنة, ترتجل الحكومة ورئيسها حلولًا جزئية ومهينة وفق استطلاعات الرأي.

يتواجد المجتمع الإسرائيلي في ساعة مصيرية, لا يعلم أحد إلى أين تؤدي. ولكن هناك شيء واحد لا شكّ فيه: القاعدة الاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل غير جاهزة لأزمة, والمواطنون قد فقدوا الثقة بالحكومة. سنوات من التقليص بميزانيات أنظمة الحماية الاجتماعية، التي من المفترض أن تهتم بنا, أدت بنا إلى ما نحن عليه, وما فعله الوباء هو فقط كشف هذا الخلل بأوضح صورة. للمسؤول عن هذا الوضع يوجد اسم وعنوان. هو يذهب كل يوم للعمل, ولكن من الواضح أنه نسي أنه يعمل من أجلنا, نحن المواطنون. هذا المسؤول يُدعى رئيس الحكومة بينامين نتنياهو.